سناء جدوبي المايسترا التي أنطقت جبال الأطلس | جمال كريم

الكاتب: مجلة فن السردتاريخ النشر: عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق


سناء جدوبي المايسترا التي أنطقت جبال الأطلس


سناء جدوبي المايسترا التي أنطقت جبال الأطلس
سناء جدوبي المايسترا التي أنطقت جبال الأطلس | جمال كريم
سناء جدوبي المايسترا التي أنطقت جبال الأطلس


في قلب جبال الأطلس، حيث تختزل الطبيعة ذاكرة شعوب وأسرار قرون، برزت سناء جدوبي كرمز للتمرد الهادئ والابتكار الفني في فضاء تراثي احتكره الرجال لزمن طويل. هي ليست مجرد فتاة من بوقشمير، بل مايسترا أحيدوس التي أعادت صياغة الإيقاع وأنطقت الجبال بصوت أنثوي صارخ، ليزهر الفن في زمن جديد.

لقد كانت رقصة أحيدوس، ذلك المشهد الجماعي الذي يتراقص فيه الرجال بأجسادهم وتصدح حناجرهم، بمثابة حصن مغلق بوجه المرأة، حكاية تروى على لسان الطبول والقصبة دون أن تسمح للأنثى بالمشاركة في قيادة المشهد. لكن سناء، في سن الحادية عشرة، لم تقتنع بهذا الحصار، دخلت الدائرة لتحتل موقعًا جديدًا، موقع القائد، صوت الدف، نبض الرقصة.

لم يكن دخولها خشبة أحيدوس مجرد خطوة فردية، بل إعلان ثورة فنية وثقافية، ترجمتها برفض خضوع التراث للأعراف الجامدة، وإصرارها على أن يكون التراث منبراً للحياة والحداثة. بتعليمها المسرحي الذي تلقتْه من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وسعت آفاقها، مزجت بين قوة الأداء المسرحي وروح رقصة أحيدوس، محدثة حالة فنية تجمع بين الأصالة والتجديد.

تقول سناء إن أحيدوس هو أكثر من رقصة، إنه حكاية الشعوب، حوار بين الجبال والإنسان، ومن هنا جاء حرصها على أن تنقل صوت النساء المختبئات في زوايا الحكاية، تلك النساء اللواتي يكنّ بصمات خفية في كل خطوة وكل إيقاع، دون أن يُعترف بهن. ومع فرقتها "إزماون بوقشمير"، التي أسستها وقادتها، أرسلت رسالة قوية بأن المرأة ليست فقط مشاركة، بل قائدة ومبدعة.

إلى جانب فنها، تحولت سناء إلى صوت نسائي ثقافي يحاور التقاليد بلغة الفن، ليس بالصدام والاحتجاج المباشر، بل بالممارسة الحية التي تكسر القيود برقة وقوة في آن. حضورها في المهرجانات الوطنية والدولية، وحواراتها الإعلامية، تجعلها سفيرة لفن أمازيغي معاصر ينبض بحياة النساء.

لقد أعادت سناء جدوبي تعريف مايسترا أحيدوس، ليس فقط كفنانة تتقن الأداء، بل كصانعة أفق جديد يدمج التراث بالروح المعاصرة، ويكسر احتكار الرجال للمشهد الفني. في كل حركة، في كل إيقاع، تُخبرنا سناء أن الجبال لا تهمس فقط، بل تصرخ وتغني بصوت النساء.

المايسترا التي أنطقت الجبال ليست مجرد اسم على لسان الناس، بل علامة فارقة في تاريخ الفن الأمازيغي، ودرس في أن التغيير يبدأ من الداخل، من الدائرة الصغيرة، من صرخة واحدة قد تغير وجه التراث إلى الأبد.

سناء جدوبي المايسترا التي أنطقت جبال الأطلس


مجلة فن السرد | زوايا 

التصنيفات

شارك.ي. المقال

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

اترك.ي. تعليقا

ليست هناك تعليقات

2455631403162698945

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث