مرآة المطر | رضى عقيل
لم يكن قد عاد إلى بيت طفولته منذ عشرين عامًا. اليوم، جاء يحمل حقيبته الثقيلة وقلبه المثقل بأسئلة لم يجرؤ يومًا على طرحها.
السماء تمطر، والبيت العتيق يئنّ تحت وطأة الزمن، كأنه شيخ يحتضر.
دخل الغرفة التي كانت له. وجد في الزاوية خزانة قديمة، وبجانبها مرآة مغطاة بقطعة قماش رمادية. مدّ يده وكشفها… فانعكس وجهه، لكن شيئًا آخر ظهر خلفه: ظلّ لرجل لا يعرفه.
استدار بسرعة، فلم يجد أحدًا. أعاد نظره إلى المرآة، فرأى المشهد ذاته، لكن هذه المرة كان الرجل يبتسم ابتسامة غامضة، ويمسك صورة صغيرة.
اقترب، نظر إلى الصورة عبر الزجاج، فإذا بها لامرأة شابة تحمل طفلًا… هو نفسه، لكن الرجل الذي يقف بجانبها ليس أباه.
شعر بالدم يفرّ من وجهه، وارتجفت يداه. التقط المرآة، فقلبها، ليجد ورقة صفراء ملصقة على ظهرها:
إلى ابني… اعذرني، لم أستطع أن أقول لك الحقيقة. ذلك الرجل الذي رآك تكبر من بعيد… هو أبوك الحقيقي.
تراجع إلى الوراء، ووقع على الأرض. في الخارج، كان المطر يطرق النوافذ بعنف، وكأنه يهمس: كل ما بنيته… كان على أرض غريبة.
رفع المرآة مرة أخرى، فلم يجد سوى وجهه، لكن ملامحه لم تعد كما كانت.
مجلة فن السرد | مشاتل


إرسال تعليق
اترك.ي. تعليقا