هاجسُ التحديثِ في الأدب: دراسةٌ في النُّصوصِ الأدبيَّة لعبد الله العروي | إصدار جديد للكاتب سفيان البرَّاق

الكاتب: مجلة فن السردتاريخ النشر: عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق

 

هاجسُ التحديثِ في الأدب: دراسةٌ في النُّصوصِ الأدبيَّة لعبد الله العروي | إصدار جديد للكاتب سفيان البرَّاق

هاجسُ التحديثِ في الأدب: دراسةٌ في النُّصوصِ الأدبيَّة لعبد الله العروي | إصدار جديد للكاتب سفيان البرَّاق


 صدر حديثا للكاتب المغربي د. سُفيان البرَّاق، كتابٌ نقدي موسوم ب : هاجسُ التحديثِ في الأدب: دراسةٌ في النُّصوصِ الأدبيَّة لعبد الله العروي، عن دار خطوط وظلال (الأردن).

ويتغيَّا هذا العمل، الذي قدّمه النَّاقد المغربي نور الدين صدوق، والمكوَّن من فصلين، والممتد على مساحة 142 صفحة، تبيانَ التفرُّد الذي تميز به المفكر المغربي عبد الله العروي، حينما جمع بين النقد الإيديولوجي والغوص في المتون الفلسفية والمرور عبر قنطرة التحليل الاجتماعي المُستنبَط من الواقع اليومي، وبين الكتابة الروائية المعتمدة أساسًا على التخييل الذي تمتحُ وترتوي منه، بيد أنّ نصوصه الأدبية الجامعة بين جنسيّ الرواية والسيرة الذاتية وأدب اليوميات تُبينُ، بجلاءٍ كبير، أنّ النهلَ من الخيال ليس ترفًا وإنّما هو ممرٌ أساسٌ لخدمة الواقع وتعرية قضايا المُجتمع؛ إذ توجد وشائجٌ عديدة تجمع بين ما كتبه العروي فكريًا وفلسفيًا وبين نصوصه الرّوائية الستة ورباعية "خواطر الصباح" المُندرجة ضمن أدب اليوميات، ولعلّ أَجَلَّ مثالٍ على ذلك هو حضور القضايا نفسها التي انبرى لها فكريًا من قبيل: العتاقة والحداثة، التربية وتأثير الأمية فيها (ثقافة الأم)؛ فإذا أثّرت اختلّتْ عملية التربية وأضحت بلا هدف أو نتيجة ملموسة ووازنة؛ لأنّ الطفل يتشرب هذه الثقافة من أمه عبر السلوكيات والتصرفات والأقوال ويظلُّ ذلك التأثير يُلاحقه، وهذا عائقٌ من عوائق تحديث المجتمع وتقدُّمه. 

كما يتطلع هذا البحث، حسب ملخص توصلت به مجلة فن السرد من الكاتب، إلى استجلاء أهم الخواص الفنية والجمالية التي انضوت عليها روايات العروي، باعتبارها نموذجًا لامعًا لتسلل الرواية الحديثة إلى التربية المغربية، مقتصرًا على الغور في اللغة التي جنح إلى توظيفها، وإظهار التكنيك الذي استخدمه في اجتراح الفضاء الرّوائي، فضلًا عن الإبانة عن الطريقة التي اختلق بها شخوص رواياته، دون إغفال التنويع السّردي الذي وسم رواياته. فضلا عن الوقوف عند أهم القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية التي انبرى لها العروي من خلال رواياته برؤية نقدية وتحليل اجتماعي ثاقبين.

 قمينٌ بالإشارة إلى أنّ العروي ما انفك يُبدي تبرمًا بائنًا من الفلسفة وأكّد أنّه لم يكتب في الفلسفة ولم يرفع رايتها (ينظر: الصفحات الأولى من كتابه "السنة والإصلاح"، 2006)، غير أنّه في كتابه ما قبل الأخير: "الفلسفة والتاريخ" أقّر بأنّه مشى، في مساره الأكاديمي، على وترين اثنين هما: الفلسفة التاريخ، ومن ثمّة يمكننا أنْ نستقطرُ أنّ أعماله النقدية-الفكريّة يمكن تصنيفها ضمن حقل الفلسفة، وبالتالي فهو أسطع مثالٍ جمع بين حقلين بينهما وشائج تاريخية: الفلسفة والأدب. إنّ ما كتبه أدبيًا، ورغم اتكائه على التخييل والإلغار والترميز السريع والعابر والاحتماء بأحابيل اللغة هو امتدادٌ للقضايا التي نافح عنها فلسفيًا ونقديًا: ثنائية القدامة/ الحداثة، التربية، التعلُّق بالماضي، حضور الفكر التقليدي عبر شخصية الشيخ (شعيب في رواية "الفريق" من باب التمثيل لا الحصر)، التوتر بين السلطة والأحزاب والجمعيات، سنوات الجمر والرصاص التي شهدت اختطافات بالجُملة (رواية "غيلة" مثالًا)، الصراع الحضاري بين الغرب والعرب (الأنا والآخر) خاصةً في روايات: "أوراق"، "غيلة"، "الغربة"، و "اليتيم"؛ إذ إنّ تخيُّر العروي لمدينة باريس، بحسبانها مدينة فخيمة، كفضاءٍ لتحرك شخوصه في جلِّ رواياته، و "أوراق إدريس" واحدة منها على سبيل التمثيل لا الحصر، له دلالات رمزية من قبيل: الهزَّة التي أحدثها المستعمر، تفوق الغرب، الهوس المبالغ فيه بأوروبا...إلخ.

 ويتوسَّل هذا البحث ويسترشدُ بمنهجين اثنين هما: المنهج التحليلي والمنهج التأويلي. ارتأى الكاتب سفيان البرَّاق تقسيمَه إلى فصلين اثنين:

 الفصل الأول كان محاولةً للإبانة عن الخواص التي ميّزت المشروع الروائي لعبد الله العروي؛ حيث تعقب الطريقة التي اتّبعها العروي في اختلاق شخوص نصوصه، فضلًا عن محاولة استجلاء خصوصية اللغة التي تبنّاها في سبك رواياته، ثم الانغمار في استنباط التقنيات الحديثة التي نزع إليها في ابتداع الفضاء الشَّاهد على توتر الأحداث وصراع الشخوص.

 أمّا الفصل الثاني فكانَ مدارهُ استيضاح التقاطع الحاصل بين الإعضالات الفكرية والسياسية والاجتماعية التي شكّلت مشروعه الفكري، وبين نصوصه الروائية التي تنضحُ بالهموم نفسها رغم سعيه الدائم إلى مخاتلة المتلقّي؛ حيث كان دائم التلافي للمُباشَرة الفجّة التي تغتالُ جودة النّص وتُرغم القارئ على تعطيل قدراته الذهنية في التحليل والتأويل، وكان حريصًا، أيضًا، على منح القارئ مساحةً رحيبةً لاستشفاف المضمر والمخفيّ وقراءة النص بكلّ أريحية مستندًا إلى فهمه الخاص الذي سيكون بلا شكٍّ متنابذًا مع فهمِ قارئ آخر، وهذا ما سيمنح للنص قراءات وتأويلاتٍ متعددة.

مجلة فن السرد | أصداء


التصنيفات

شارك.ي. المقال

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

اترك.ي. تعليقا

ليست هناك تعليقات

2455631403162698945

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث