ميخائيل ليرمنتوف ثاني أكبر شعراء روسيا، تخرج من الكلية الحربية وعمل ضابطا بالحرس الإمبراطوري، بزغ نجمه بعد موت بوشكين مباشرة، حين كتب قصيدته الخالدة ( موت الشاعر )، فكانت تلك القصيدة بمثابة الشرارة التي عم لهيبها جميع أرجاء روسيا.
خاصة بعد أن أدان القيصر وأعوانه، ووعد أنه سيثأر لصديقه بوشكين، فكانت تلك القصيدة هي التي أعطته المجد وأورثته إمارة الشعر، والشقاء الذي كان نهايته تراجيدية حزينة.
كتب الشاعر الكثير من القصائد الثائرة التي هجا بها النظام الديكتاتوري القيصري، مما أدى إلى نفيه إلى القوقاز وسحب رتبته العسكرية، كتب في منفاه ملحمة ( موتسيري ) التي كانت ذات بعد فلسفي عميق، وكتب (الشيطان ) التي عكس فيها أفكاره ضد العبودية والطغيان.
ونفي مرة أخرى بعد صدور روايته ( بطل من هذا الزمان ) التي عكس فيها المأساة الاجتماعية التي يعيشها الشعب في ظل حكم القيصر الذي قضى على كل مفاهيم الحرية والسيادة الاجتماعية.
وقد وصلت نسخة من هذه الرواية إلى القيصر وعليها ملحوظة: ها هنا دعوة إلى الثورة!
لم يمض به العمر كثيرا فبعد أربع سنوات من وفاة بوشكين حيكت ضده نفس المؤامرة، حيث جاء رجل غريب يتودد لخطيبته فقرر ليرمنتوف مبارزته، وقتل في تلك الحادثة، كان من الغريب أن يموت أعظم شاعرين في روسيا بحد السيف وبسبب امرأة ما.
مات وهو في السابعة والعشرين من عمره، وعثر فيما بعد على وثائق تؤكد اشتراك القيصر في تدبير تلك المبارزة.
سأذكر هنا مقاطعا من قصيدته موت الشاعر:
مات الشاعر
سقط الشاعر
أسيرا للشرف
الرصاص في صدره يصرخ للانتقام
والرأس الشامخ انحنى في النهاية
مات، فاضت روحه بآلام الافتراءات الحقيرة
وقف وحيدا في المواجهة وها قد قتل
.......
وبعد فهل أنتم أبرياء يا من حاصرتم في قسوة
موهبته الحرة الشجاعة
....
واشهدوا الآن أن قنديل العبقرية انطفأ
وإكليل الغار على جبهته ذوى
.......
كيف استطاع هذا اللاجئ الوضيع الانتهازي
الأداة الخسيسة العمياء أن يحتقر أرضنا هكذا
أو يسخر من لغتها وتقاليدها الأصيلة
ولا يستثني مفخرتها الكبرى
فيتمهل ليتساءل ضد من رفع يده
......
وكانت لحظاته الأخيرة مسممة بالشائعات والهمس البذيء
.....
أيتها السلالة المتعجرفة يا أبناء من اشتهروا بمخازيهم الوضيعة
كالجلادين الذين يخفون نواياهم الحقيرة في أثواب العدالة
متظاهرين بالبراءة من أجل ذبح الحرية والمجد والعبقرية
......
هناك حكم الرب حكم رهيب ينتظر
وأمام العرش الإلهي لن تنقذوا جلودكم بقذف الأوحال
ولن تستطيع دماؤكم القذرة أن تعوض أبدا
الدم العادل لشــــــــاعر
مجلة فن السرد | زوايا
إرسال تعليق
اترك.ي. تعليقا