في هذا الحوار، أجابت الأديبة اليافعة عبير عزيم عن أسئلة تلاميذ إعدادية أحمد بن ادريس ملولي بمكناس، وتقاسمت معهم شغفها الأدبي وعوالمها الخاصة، كما كشفت لمجلة فن السرد عن جديدها الإبداعي.
إعداد: زايد الرفاعي
سطع نجم عبير عزيم، ابنة تاهلة ضواحي مدينة تازة، في سن مبكر، سن اللعب والدراسة، لكنها بفضل موهبة ربّانية اختارت اللعب بالكلمات وللكلمات، بل وتوظيف هذا الاختيار للتميز دراسيا أيضا.
عبير عزيم تَمكّّنت من نيْل لقب "أصغر كاتبة في الوطن العربي" عن سنٍّ لم يتجاوز الحادية عشر، ذلك بعد إصدارها مجموعة قصصية معنونة ب "درع الوطن"، ثم رواية موسومة ب "شمس بحجم الكف"، ومايزال يراعُها ساطعاً ومدادها فيّاضا.
نقلت مجلة فن السرد أسئلة تلاميذ من جبل زرهون، إلى ابنة تاهلة عبير عزيم للتعرف أكثر على الملامح الأدبية والإنسانية في مسارها.
عندما تسأل يافعا أو شابا مبدعا عن نشره لأولى تجاربه، تكون الإجابات تارة بحسرة، وتارة صادمة باعتبار صعوبات وتحديات ظروف النشر. هل عبير عزيم واجهت نفس المصير إبان نشرها المجموعة القصصية "درع الوطن" ورواية "شمس بحجم الكف"؟
المبدعة عبير عزيم : لم أواجه صعوبات كثيرة في نشر مجموعتي القصصية "درع الوطن"، فقد حظيت بدعم مجلس الكتاب والأدباء والمثقفين العرب، مما سهّل علي تجاوز تحديات النشر الأولى. أما في رواية "شمس بحجم الكف"، فقد لعب الأستاذ والإعلامي والكاتب عبد العزيز كوكاس دورًا كبيرًا في دعمي وتوجيهي، ما جعل رحلتي في إصدارها أكثر سلاسة.
بالطبع، كانت هناك بعض التحديات، لكنني كنت محظوظة بوجود أشخاص آمنوا بموهبتي وساعدوني على تحقيق هذا الحلم. وهذا الدعم منحني دافعًا أكبر للاستمرار في الكتابة بثقة وإصرار.
لحظة الكتابة عند عبير متى وكيف تكون، وهل لها طقوس وظرفية وشروط؟ أم أنك تكتبين وفق القريحة الأدبية والصليقة البديهية؟
المبدعة عبير عزيم: الكتابة بالنسبة إلي فعل هادئ وعميق، لذلك أجد نفسي أكثر إبداعًا في اللحظات التي يسودها الهدوء، حين يكون العالم من حولي ساكنًا، لأن الأفكار بالنسبة إلي تحتاج إلى صمت لتولد بوضوح. ليس لدي طقوس صارمة، لكنني أحب أن أكون في مكان يشعرني بالسكينة، حيث يمكنني الاستماع إلى أفكاري دون مقاطعة.
أما عن الإلهام، فأحيانًا يأتي بشكل تلقائي، وكأن الفكرة تفرض نفسها عليّ، وأحيانًا أخرى أحتاج إلى لحظات من التأمل لأجد بداية مناسبة. وتبقى الكتابة بالنسبة إلي ليست مجرد فعل لحظي، بل هي تفاعل مستمر مع الحياة، حيث تتراكم التفاصيل في ذهني، حتى يحين الوقت المناسب لترجمتها إلى كلمات.
أيهما أقرب إلى عبير أدبيا وفنيا، هل الرواية أم القصة، ولماذا؟
المبدعة عبير عزيم: القصة كانت بوابتي الأولى إلى عالم الكتابة، كانت أول مساحة أجد فيها صوتي، أحببتها كثيرا إلا أنني أحيانا أجدها مساحة ضيقة.
لكن الرواية هي عشقي الأكبر، لأنها تمنحني مساحة أوسع للعيش في العوالم التي أخلقها، وكأنني أشعر بحرية أكبر وأنا انتقل بين شخوصها، وأدون تفاصيلها وأرسم العوالم التي أريد دون قيود.
* هنا؛ سننزاح قليلا عن أدبيات الصحافة، نظرا لاستثنائية الأديبة اليافعة باعتبارها أصغر كاتبة في الوطن العربي، وبما أنها تلميذة فإننا انتقينا أن تكون أسئلة الحوار مستمدة من تلاميذ إعدادية بمنطقة جبال زرهون، وهي إعدادية أحمد بن ادريس ملولي، نزالة بني عمار زرهون، مديرية مكناس.
أسئلة التلاميذ:
سؤال التلميذة غزلان البوزيدي: كيف خطرت على بالك عناوين كتاباتك، قصة "درع الوطن"، و "رواية شمس بحجم الكف"؟
المبدعة عبير عزيم: العنوان بالنسبة إلي هو نبض العمل، صوته الأول الذي يترجم روحه في كلمة أو كلمتين.
"درع الوطن" جاء من إحساسي العميق بالانتماء، فرأيت في الكتابة درعًا يحمي القيم والأحلام. أما "شمس بحجم الكف"، فهو تجسيد لفكرة أن النور، رغم صغره الظاهر، يمكن أن يكون عظيمًا، تمامًا كالأحلام التي تبدأ صغيرة لكنها تضيء الحياة.
سؤال التلميذة دعاء الدفعة: من قدوتك في مجال الأدب؟ ومن ساندك للوصول إلى هاته المرحلة المتميزة في الكتابة؟
المبدعة عبير عزيم: قدوتي في مجال الأدب ليست محصورة في اسم واحد، بل أستلهم من كل قلم مبدع يكتب بصدق ويصنع الفرق. أقرأ لكبار الأدباء، وأتعلم من تجاربهم، لكنني في النهاية أسعى لأن يكون لي صوتي الخاص. أما من ساندني، فأسرتي كانت الداعم الأول، ثم قرائي الذين منحوني الثقة لأواصل، وطبعا الأستاذ والإعلامي عبد العزيز كوكاس، الذي آمن بموهبتي، وكان له دور أساسي في نشر أعمالي وإيصالها إلى القرّاء، وساعدني على أن أخطو بثبات في عالم الأدب.
سؤال التلميذة ملاك لهويتر: هل كان للانشغال بالكتابة وتداعيات الشهرة آثار سلبية على مسارك الدراسي أم العكس؟
المبدعة عبير عزيم: لم يكن للكتابة والشهرة أي تأثير سلبي على مساري الدراسي، بل على العكس، ساعدني ذلك على تطوير مهاراتي في التحليل والتعبير، وجعلتني أكثر انضباطًا في تنظيم وقتي بين الدراسة والكتابة.
بالنسبة إلي، الإبداع لا يتعارض مع التفوق الدراسي، بل يكمله ويثريه.
سؤال التلميذة إكرام الرايس: كم هو المعدل الذي حصلت عليه عبير عزيم عندما كتبت روايتها الأولى؟
المبدعة عبير عزيم: التفوق ليس مجرد أرقام تُذكر، بل هو اجتهاد مستمر وسعي دائم للأفضل.
الحمد لله، كنت دائمًا في طليعة المتفوقين، وهذا بفضل الله تعالى وبفضل الشغف بالعلم والاجتهاد.
سؤال التلميذ إيمان الخلوفي: بماذا تنصحين التلاميذ واليافعين حتى يشقوا طريقهم بثبات ويصير لهم اسم مثلك ضمن كتاب الرواية والقصة؟
المبدعة عبير عزيم : لكي تشقوا طريقكم بثبات وتحققوا النجاح، يجب أن تؤمنوا بموهبتكم وتعملوا على تطويرها بشكل مستمر. استثمروا في الوقت، اقرأوا كثيرًا، واكتبوا بصدق. النجاح يحتاج إلى عزيمة وإصرار، والأهم هو أن تظلوا مخلصين لأسلوبكم الخاص ولرسالتكم.
ختاما، سمعنا أصداء عن اقتراب صدور عمل جديد لك، ما صحة هذا الخبر؟ إن كان الخبر صحيحا، قربينا أكثر منه، ولو في إشارات مقتضبة عن بعض التيمات والأحداث.
المبدعة عبير عزيم: نعم، هناك رواية ستصدر قريبا إن شاء الله، وهي تختلف تماما عن أعمالي السابقة، هذه الرواية تخدم قضية نبيلة تناولت فيها موضوعات إنسانية عميقة.
سأترك روايتي الجديدة مفاجأة للقراء، وأتمنى أن تنال إعجابهم.
ما هو طموح عبير عزيم من فعل الكتابة؟
المبدعة عبير عزيم: طموحي من الكتابة هو أن أتمكن من مشاركة أفكاري البسيطة مع الآخرين، وأن أساهم في نشر الخير والسلام بين الناس. لا أطلب شيئًا سوى أن تكون كلماتي خفيفة على قلوب القراء، وأن تلامسهم بطريقة إيجابية، وأتمنى أن تكون أعمالي قادرة على إحداث فارق بسيط في عالمنا.
ما الجائزة الأدبية التي تطمحين إلى الفوز بها مستقبلا؟
المبدعة عبير عزيم: صراحة ما أتمناه هو أن تكون أعمالي قد حققت تأثيرًا إيجابيًا على القراء، وأن تلامس قلوبهم بطريقة صادقة. إذا جاء التقدير في المستقبل، سأكون ممتنة، لكنني أعتبر أن الجائزة الحقيقية تكمن في أن تكون كلماتي مصدرًا للإلهام والتغيير البسيط في حياة من يقرؤونها. الأهم بالنسبة لي هو أن أظل وفية لرسالتي الأدبية وأن تكون كتاباتي قد أضافت شيئًا حقيقيًا للقارئ.
مجلة فن السرد | حوارات
إرسال تعليق
اترك.ي. تعليقا