قَطْرَةُ مَاءٍ | قصة قصيرة مشتركة| بأقلام أطفال مغاربة
قصة قصيرة من إبداع: جعفر مكي - هبة قصيور - يحي الحجوي - محمد أسلاو - وليد بن حميد - مهدي الكركري - صلاح الدين كاكة - خديجة النعيمي - رزان بقراج - فاطمة الزهراء حمياش -فاطمة الزهراء عزوزي - فاطمة الزهراء الدنيا - الزهرة أطوالي - جنات البكراوي-محمد رضا أطوالي.
تأطير: ياسين اليعكوبي
في أحدِ الأيامِ، كان الأخوان محمّد وزينب يعيشان في قريةٍ صغيرةٍ بجانبِ نهرٍ ممتلئٍ بماءٍ عذبٍ لا يَنْضُبُ.
كان محمّدُ مبذِّرًا، إذْ كلَّما أرادَ أن يتوضأ أو يستحمَّ، يُضِيِّعُ كميةً كبيرةً من الماءِ، تكفي أُسرةً كاملةً.
تدخّلت أختُه زينب بعد أن نَفِدَ صبرُها، ونصحته بعدم الإسراف في الماء:
زينب: أراكَ -سامحك الله- تُسرف في استعمالِ الماء، ألا تعرفُ قيمتَه؟
محمّد: وهل تُوجد مشكلةٌ إذا أسرفتُ فيه؟ لا شكَّ أنكِ تودِّينَ لعبَ دورِ الوَالِدْ، الذي لطالما كرّر على مسامعِنا: اطفيو الضو شاعل بوحدو، واش انتم اللِّي كتخلصوه؟
زينب: نعم، تُوجد مشكلةٌ، بل عدةُ مشاكل.
أولًا: سينفدُ الماءُ إن استمررتَ على هذا الفعل. فالنعمةُ، إذا لم نحافظْ عليها، سنتحسّرُ كثيرًا عند فقدانها.
ثانيًا: لقد نهانا الشرعُ عن الإسرافِ في الماء. يقول الله تعالى: "ولا تُبذروا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين". ويقول الرسول صلى االه عليه وسلم: "لا تُسرفْ ولو كنتَ على نهرٍ جارٍ".
محمّد (متذمّرًا): يا أختي، دعيني وشأني، بربّكِ من ذا الذي سلّطكِ عليّ؟ يُوجد بجانبنا نهرٌ مليءٌ بماءٍ عذبٍ لا ينضب.
ظلّ محمّد على نفس الحال: يُبذّر الماءَ غير مكترثٍ للعواقبِ، وضاربًا عرض الحائطِ نصيحةَ أختِه.
وذاتَ صباحٍ، بينما أراد محمد أن يتوضأ للصلاة، التي لطالما قال له والده: "لا تترك صلاتَك يا بني مهما يكن السبب."
تفاجأ بعدم وجود الماء. سأل أختَه عن السبب، فأجابته: لقد نفد بسبب عنادك.
ظلّ يبحث عن قطرة ماء في كل مكان، كما يبحث عن السراب، لكنه لم يعثر عليها.
مَرِضَ بسببِ عدم شُربِه للماء لعدّة أيامٍ متواليةٍ، حيثُ صار يرقص من شدّة الألمِ النابعِ من كِلْوَتَيْهِ.
فالأطباءُ يقولون: إن لم يَشرب الإنسانُ الماءَ بكميةٍ كافيةٍ، فإنّ كِلْوَتَيْهِ قد تتضرّران، وهو الأمرُ الذي كاد أن يحصل معه.
فجأةً، ظهرت أمامه قطرةُ ماءٍ جاءت لعيادتِه، فتعجّب وسألها:
محمّد: أين كنتِ كلّ هذه المدّة؟
قطرة الماء: تعمّدتُ الغياب، بعد أن أخبرتني زينبُ أنك لم تستمع لنصيحتها. أردتُ -باتفاقٍ معها- تلقينَك درسًا لن تنساه ما حييتَ، وأرجو أن أكون قد نجحتُ في ذلك.
اعترف محمد بخطئه، وقال: "أنا آسف جدًا، لقد تعلّمتُ الدّرسَ بالفعل. الماءُ نعمةٌ وجب علينا الحفاظُ عليها، وأن نُحسنَ ترشيدها".
قالت له قطرة الماء: "من الجميل أن يعترف الإنسانُ بخطئه، والأجمل ألا يُكرّره".
وعدها ألا يعيد الكَرّة.
فجأةً، دخلت زينبُ عليهما، ففرحت كثيرًا بعد علمها بقرارِ أخيها الإيجابيّ.
مجلة فن السرد | مشاتل
إرسال تعليق
اترك.ي. تعليقا