recent

آخر المقالات

recent
recent
جاري التحميل ...

لا أحد قد قرأ ذلك الكتاب...! | إدريس الجرماطي


مجلة فن السرد

لا أحد قد قرأ ذلك الكتاب...!

بقلم الأديب المغربي المبدع ادريس الجرماطي


أجزم أن لا أحد قد قرأ ذلك الكتاب، وأراهن أيضا على أن لا أحد تصفحه أو فكر في لمس أوراقه الذهبية، يعلوه لون بين الأصفر والأبيض تماما كالقشرة الشفافة التي تجمع ضلوع حبات شجرة الرمان وهي متماسكة تنتظر الجائعين كي يفكوا ضمادتها التي ظلت لصيقة بها مند أن كانت زهرة حمراء، كانت سجينة قشرة صلبة مكورة، كذلك أوراق ذلك الكتاب ظل الغلاف السميك ملتفا بها في ركن مهجور ، تعلوه رائحة الكتب القديمة التي تتوسل القارئ الذي لا يأبه بما تحمله من معاني وحكم قد تكون حلا للعديد من العقد التي أضمدت العقول، وجعلتها في مشفى المجانين، بدل السفر بها إلى عوالم جديدة تغرز الجديد أثناء كل تصفح أو تقليب أوراق...
عنوان غريب، وسطور واضحة تود أن تصرخ في وجه المارة عبر شارعها العام، مفترشة ثوبا متسخا وغبار الأزقة يلامس ألفاظها وعباراتها الناضجة، كتب أخرى قديمة يصفعها ريح الصباح، كما تشعل فيها حرارة النهار فرنها الساخن، وتسترخي من خلاله شخصيات الحكي تتوهم بحرا بعيدا كي تستحم به وتنسى جهل وتجاهل المارة العابثين بالوضعي في الحياة، كي تعود من جديد لترعى فقدانها للعشاق، ويرعاها بائع كتب لا يميز بين مظامين عناوينها ولغة سطورها لأنه مجرد بائع يتاجر ، ولا تهمه سوى حصيلة يوم كي يدفأ في المساء بجمرات يرى فيها خلاصه من برد ليلي قارس، في الغد يعد ما تبقى له من خبز يكون زاده الأول ولا هم له بفكرة أو حصاد في أخبار بلدان جائعة الأفكار، جاحدة تتوسل إيقاف النيران المشتعلة بسبب فقدان الكثير من الأفكار...
عنوان الكتاب ترامت عليه الأتربة والخلائط المتداخلة على الفضاء، بين دخان وسائل النقل، وندى البحر الذي يبتلع الأطفال الذين تنازلوا عن خيال الكتابة، ليستهويهم حلم البحر بما يحمل من غذر ونوايا حاقدة جاحدة، ينتهي بالأجساد إلى خرائط غير معلومة تصفه الأمهات بالغضب المبين؛ يأخذ أبناءهن غصبا، ويرغمهن على شراء أسماكه غلاء وتحسرا على الأوضاع...
بين السطور يبكي الليل لأن نجومه تعكسها لوحات ضوئية تندد بالكثير من العراء، وبقلبل من العمق والرجوع إلى احتساب الذوات، بين الأوراق أيضا سواد ينعم بسواد وافر يغمس شباكه في الظل كي يوقع بمن يجهل الحروب الجميلة التي تنقلها أجندة التاريخ بين طيات أحلام رجالات صنعوا بأوراقهم من الماضي كل ما تبقى لنا اليوم من الأضواء التي يسعى الجهل لإطفائها بين ضلوعه، كونه المستبد الأكبر في تاريخ الإنسان، يميل الحصاد في لوعة الابتعاد عن فحوى الكلمات إلى نيران تهشم وتحرق من الجماجم تلك التي تتناطح بحثا عن الخبز كأهم رهان لاستمرارية زائلة، وحسبانا من عند نفسها أن خبز الجوع البشري كفيل بالحياة، وكأنها لا ترغب في تراكيب البحث عن مواضع الخلل في الاتزان البشري، وعن قصد مؤكد لانقاد الكوكب الإنساني من جروح لا يستطيع بالجزم المطلق الانقاد منها عير منظومة العلم والقراءة، وأن التنقيب عن عنوان الكتاب، لا يهم لأنه قد يكون أي كتاب....

مجلة فن السرد/ محاكاة

عن الكاتب

مجلة فن السرد

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مَجـَـــلَّةُ فَـــنِّ السَّــــرْد